يُعدّ الماء أساس الحياة على الأرض، فهو يُشكل أكثر من 70% من سطح الكوكب، ويدخل في كل تفاصيل الوجود من النبات والحيوان وحتى الإنسان. لكن تأمل معي هذه الحقيقة العجيبة: لماذا خلق الله الماء بلا لون ولا طعم ولا رائحة؟ هل هي مجرد صدفة كيميائية، أم وراءها حكمة إلهية دقيقة تُظهر عظمة الخالق سبحانه وتعالى؟
في هذا المقال، سنتعرف على الأسباب العلمية والدينية التي تُوضح سر نقاء الماء وشفافيته، ولماذا اختاره الله ليكون سرّ الحياة لكل الكائنات.
الماء... المعجزة التي لا غنى عنها
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ – سورة الأنبياء، آية 30.
هذه الآية الكريمة تلخّص أهمية الماء في الحياة. فبدون ماء، لا يمكن لأي كائن أن يعيش، سواء كان نباتًا أو حيوانًا أو إنسانًا. لكن صفات الماء الفريدة ليست فقط في كونه سائلًا شفافًا، بل في خصائصه الفيزيائية والكيميائية التي تجعله مثاليًا للحياة على الأرض.
🔗 المصدر : https://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura21-aya30.html
الحكمة العلمية من كون الماء بلا لون ولا رائحة
1. الشفافية تساعد على استمرار الحياة المائية
لو كان الماء ملوّنًا، لحجب الضوء عن أعماق البحار والمحيطات، مما يمنع الطحالب والنباتات المائية من القيام بعملية التمثيل الضوئي.
هذه العملية هي أساس إنتاج الأكسجين الضروري للتنفس على الأرض.
🔗 المصدر: https://oceanservice.noaa.gov/facts/light_travel.html
2. غياب الرائحة يحافظ على نقاء التنفس والطعام
لو كانت للماء رائحة نفاذة، لتأثر طعم الأطعمة والمشروبات وحتى الهواء الذي نتنفسه. ولذلك فإن نقاء الماء من أي رائحة يجعله عنصرًا محايدًا يمكن استخدامه في كل شيء دون أن يُغيّر خصائصه أو يؤثر على حواسنا.
🔗 المصدر: https://www.who.int/publications/i/item/9789241549950
3. اللون الشفاف يسهل امتصاص الضوء والحرارة
الماء الشفاف يسمح بمرور أشعة الشمس إلى الأعماق، مما يُساهم في تنظيم حرارة البيئة المائية ودعم التوازن الحراري في الكوكب. هذه الخاصية تُعدّ جزءًا من الدورة الحرارية الأرضية التي تحافظ على استقرار المناخ.
🔗 المصدر: https://earthobservatory.nasa.gov/features/Water
الحكمة الإلهية من صفات الماء
من منظور إيماني، لا يمكن اعتبار صفات الماء مجرد مصادفة. فاختيار الله أن يكون الماء بلا لون ولا رائحة هو من تمام رحمته ودقة خلقه:
-
لكي يناسب كل المخلوقات دون تمييز أو اختلاف.
-
حتى لا يُسبب نفورًا أو ضررًا عند الشرب أو الاستخدام.
-
وليبقى رمزًا للنقاء والطهارة، كما في الطهارة الشرعية في الإسلام.
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:
“اختص الله الماء بصفة الطهورية دون سائر المائعات، لأنه لا لون له ولا طعم ولا رائحة، فهو أصل الطهارة وأكمل المطهرات.”
الماء في حياتنا... أكثر من مجرد سائل
كل قطرة ماء تحمل في داخلها نظامًا معجزًا يجمع بين العلم والإعجاز. فمن تركيبته الكيميائية البسيطة (H₂O) إلى خصائصه الفيزيائية الفريدة، هو العنصر الذي حافظ على استمرار الحياة منذ ملايين السنين.
ولهذا، ليس غريبًا أن يصفه العلماء بأنه “السائل العجيب الذي لا يُشبه أي مادة أخرى على الأرض”.
خاتمة
إن كون الماء بلا لون ولا رائحة ليس صدفة، بل هو إبداع رباني مقصود يحقق التوازن البيئي والجمالي والحياتي في الكون. فهو الوسيط الذي يوصل الحياة لكل مكان دون أن يُفسد أو يُغيّر شيئًا من حوله.
فلنحمد الله على هذه النعمة العظيمة، ولنجعل من ترشيد استهلاك الماء عبادة وسلوكًا حضاريًا يعكس وعينا بعظمة الخالق سبحانه وتعالى.
.png)
تعليقات
إرسال تعليق